السبت، 26 نوفمبر 2011

للتمهل فقط

للتمهل فقط


د. عبدالجواد عباس



هل هو سعيد كل من له أولاد ؟ لا أعتقد ذلك.. كثير من الآباء متورطون في المعاناة والمشاكل، اللهم نسبة قليلة تتحامل على نفسها بالصبر والمصابرة واستشعار السعادة بأن لهم أولاداً أمام الناس وأمام أنفسهم بقناعة جوفاء.. أحسب أن بهجة الأولاد في فترة طفولتهم لا غير.. تدللهم، تمشي معهم، تلاعبهم، تناغيهم، تفرح بهم، تشتري لهم الحلوى، اللباس، تحملهم إلى المنتزهات وشواطئ البحار، تودهم بكل ما لذّ وطاب بأقصى ما تستطيع.. تفعل كل ذلك محمولا ببهجة السنوات الأولى ثم تكتشف يوما عندما يكبرون أنهم لا يتذكرون شيئا مما كنت تفعل.. جمائلك ضاعت، جهودك راحت هباء، وتتجرع الغصة وأنت قنوع رغم أنفك..وتتمثل صدق الحديث بأنهم مجبنة مبخلة محزنة.

عندما يكبرون قليلا تكتشف أن طموحاتهم أكثر من نقودك، وأن جهودك غير مرضيٍّ عنها حتى لو واصلت الليل بالنهار عملا فإن سعيك غير مشكور.. حتى نصائحك تأتي بعد نصائح أصدقائهم والناس الآخرين..

عندما يشبون عن الطوق ويكبرون لا يتعلقون بك إلا بمقدار مصالحهم.. تقوم بإدارة المنزل كلها على كاهلك، تشتري المصروف، اللباس الغالي الثمن مرغوب فيه ولو كان رديء الصنعة.. المهم أهمية بقائك مرهونة بمعاشك.. بالأحرى تصبح مشرفا بل خادما لهم رغم إحساسك بالجور، ومع ذلك تحل مشاكلهم وتشفق عليهم.

هل أقول لك أو لها اختصارا للمتاعب : أن لا تتزوج، قد تخالف السنة، وفي نفس الوقت لا ذنب عليك إن لم تفعل، لكن الذي أقوله : أنك طالما تزوجتَ أو كنت متزوجا أصلا فتحمّل واصبر فليست حياتك الأولى كالتي أقدمت عليها، قد غدوت الآن مصطفا في طابور جيش الحياة الطويل.. قد تلهث وراء المسكن.. وراء الأثاث.. وراء الدفايات والغاز.. ستتجدد لوازم وتفتح أبواب جديدة للحاجات مما يحوّل الحياة في كثير من أوقاتها إلى اشمئزاز وألم.. ربما بدافع الغيظ تلعن الحظ وتسب الزمان وتقفل الباب على كل رغباتك الشخصية، وتطأ على كل تطلعاتك الجميلة في الحياة.. فاخترْ، إما أن تقول بالرفاء والبنين، وإما أن تقول : "هذا جناه أبي عليّ وما جنيت على أحد ".



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق