قصة (الرؤيا) كعمل درامي
د. عبدالجواد عباس
أحمد يوسف عقيلة قاص معروف، من القصاصين المتميزين في الجماهيرية، شهد بحقه النقّاد في أكثر من محفل.. وقصة (الرؤيا ) تمّ تحويلها إلى عمل مسرحي على يد المخرج شرح البال عبد الهادي..المسرحية قُدمت ضمن المهرجان الحادي عشر في شهر التمور الماضي 2008م تحت عنوان (يا مطر يا عمتي) موضوعها مستمد من الأوتار الشعبية التي يضرب عليها القاص أحمد يوسف عقيلة.. وهي لم تكن عن قصة الرؤيا مئة بالمئة، ولكن هي ـ كما اختار لها المخرج ـ تدخل تحت مُسمى : (عن قصة الرؤيا)، لأن كلمة (عن) لم يضعها اعتباطا، بل تعطي نوعا من الحرية والنفس من خارج النص، إذ لا تعطي عرض الأحداث كما كتبها القاص وإنما يكون للسيناريو والحوار مجالٌ أرحب للمخرج والمعد في أن يضيف أو يحذف ما يراه مناسبا، فقد استجلبت بعض الأحداث من قصص أخرى مشابهة لنفس القاص.. ولذلك قال عنها المعد فتحي القابسي : ".. جاءت من المناخ المسرحي الموجود في الحدوثة" وهو يقصد العمومية بطبيعة الحال.. هذا ما استخلصته من الورقة الجميلة التي تبين معلومات عن المسرحية قبل عرضها.. وربما كان هذا التغيير في أحداث القصة هو الذي جعل أحمد يوسف عقيلة يستهلّ بقوله : " لا أدري ماذا فعل المخرج شرح البال عبد الهادي بقصتي، لكنني أتمنى أن يكون قد أضاف إلى (الرؤيا) رؤيا أخرى."
ثمة سلبيات وإيجابيات ـ حسب رؤيتي ـ عن هذه المسرحية (يا مطر يا عمتي)، وليس ذلك جرحا ولا مكيدة ؛ فأنا أربأ بنفسي عن الخُبْث، أحب الخير المُطْلق وأكره الشر المطلق.. فأي مسرحية عندما تُعرض، وأي كتاب عندما يُنشر وأي عمل فني أو ثقافي لا يصبح ملكا لصاحبه فقط، وإنما ملكا للجميع يقولون فيه ما يشاءون حقا كان ذلك أو باطلا حسبما يتصوره صاحبه.. ويمكن عرض ملاحظاتي في هذه النقاط:
السلبيات :
• الاسترجاع أو ما يعرف بالفلاش باك لم يكن التعرّف عليه وشيكا (من شواهده المرأة المغدورة في شرفها).
• كان من الأحسن أن يُؤتى بأكثر من شاهد لما تناول موقف (الفقيه)، أو يٌؤتى بشاهد أقوى من قصص القاص كقصة (كاتب الأماني) مثلا فهي الأقوى في بيان ممارسات الفقيه.
• في حالة الاغتصاب كان عليه ألا يبالغ في التوضيح العملي، كان عليه أن يرمز إلى ذلك بانطفاء الأضواء مثلا.. ما يعادل تكسّر الموج على الشاطئ في السينما المصرية.. أو أي رمز آخر حتى لا نقترب من الإباحية.
الإيجابيات :
• المؤثرات الصوتية والمرئية المتمثلة في الموسيقى المصاحبة للمشهد والأضواء كانت ناجحة ومؤدية للغرض.
• أصوات الممثلين كانت مسموعة جيدا وواضحة الدلالة، فكنت أخشى من تمازج أو تجاوب صدى الصوت الذي قد يفوّت على المشاهد سماع بعض الكلمات مما يجعله يفقد جزءا من المعنى والدلالة المقصودة، وكثيرا ما كانت تزعجني هذه الحالة فيما شاهدت سابقا من مسرحيات بمسارح مختلفة بالجماهيرية.. ولذلك يراعى جيدا قبل تقديم العرض التأكيد على الأجواء، وبالأحرى الجدران المحيطة بالركح، يفضّل إلباسها بطبقة من الألواح الخشبية.. وهناك مادة أخرى لا يستحضرني أسمها، هي خليط من النشارة ومواد أخرى، ممزوجة وملصقة معا كانت تُلبّس بها جدران بعض قاعات العرض السينمائية.
• المهم أن مسألة توصيل الصوت للمتلقي من الأهمية بمكان، لنجاح المسرحية برمتها، بمعالجة أجواء الركح، إضافة إلى اعتناء الممثل بنطق الكلمة نطقا واضحا سليما بمخارج حروف يألفها المتلقي.. وهذه السمة كانت متوفرة في ممثلي مسرحية (يا مطر يا عمتي).
• الممثل إبراهيم إدريس الذي كانت له البداية، كان له عمل واضح في تقديم دوره سواء بالنطق أو توصيل الرموز التي كثيرا ما اهتزّ لها الجمهور وصفق، فالفرد يصفق لتأثره بحكم سابق في ذهنه، فما شاهده أو سمعه طابق معتقده المتأثر بثقافته وخبرته الاجتماعية، والجمهور لا يصفق ولا يهتز لشيء بدون أن يملك عنه خلفية ثقافية أو اجتماعية، ولذلك على المسرح التجريبي أن يحتمل صدمات الرفض في البداية.. وهذه المسرحية ليست تجريبا بطبيعة الحال وإن كانت بعض الممارسات تخرج بها عن التقليد.
د. عبدالجواد عباس
أحمد يوسف عقيلة قاص معروف، من القصاصين المتميزين في الجماهيرية، شهد بحقه النقّاد في أكثر من محفل.. وقصة (الرؤيا ) تمّ تحويلها إلى عمل مسرحي على يد المخرج شرح البال عبد الهادي..المسرحية قُدمت ضمن المهرجان الحادي عشر في شهر التمور الماضي 2008م تحت عنوان (يا مطر يا عمتي) موضوعها مستمد من الأوتار الشعبية التي يضرب عليها القاص أحمد يوسف عقيلة.. وهي لم تكن عن قصة الرؤيا مئة بالمئة، ولكن هي ـ كما اختار لها المخرج ـ تدخل تحت مُسمى : (عن قصة الرؤيا)، لأن كلمة (عن) لم يضعها اعتباطا، بل تعطي نوعا من الحرية والنفس من خارج النص، إذ لا تعطي عرض الأحداث كما كتبها القاص وإنما يكون للسيناريو والحوار مجالٌ أرحب للمخرج والمعد في أن يضيف أو يحذف ما يراه مناسبا، فقد استجلبت بعض الأحداث من قصص أخرى مشابهة لنفس القاص.. ولذلك قال عنها المعد فتحي القابسي : ".. جاءت من المناخ المسرحي الموجود في الحدوثة" وهو يقصد العمومية بطبيعة الحال.. هذا ما استخلصته من الورقة الجميلة التي تبين معلومات عن المسرحية قبل عرضها.. وربما كان هذا التغيير في أحداث القصة هو الذي جعل أحمد يوسف عقيلة يستهلّ بقوله : " لا أدري ماذا فعل المخرج شرح البال عبد الهادي بقصتي، لكنني أتمنى أن يكون قد أضاف إلى (الرؤيا) رؤيا أخرى."
ثمة سلبيات وإيجابيات ـ حسب رؤيتي ـ عن هذه المسرحية (يا مطر يا عمتي)، وليس ذلك جرحا ولا مكيدة ؛ فأنا أربأ بنفسي عن الخُبْث، أحب الخير المُطْلق وأكره الشر المطلق.. فأي مسرحية عندما تُعرض، وأي كتاب عندما يُنشر وأي عمل فني أو ثقافي لا يصبح ملكا لصاحبه فقط، وإنما ملكا للجميع يقولون فيه ما يشاءون حقا كان ذلك أو باطلا حسبما يتصوره صاحبه.. ويمكن عرض ملاحظاتي في هذه النقاط:
السلبيات :
• الاسترجاع أو ما يعرف بالفلاش باك لم يكن التعرّف عليه وشيكا (من شواهده المرأة المغدورة في شرفها).
• كان من الأحسن أن يُؤتى بأكثر من شاهد لما تناول موقف (الفقيه)، أو يٌؤتى بشاهد أقوى من قصص القاص كقصة (كاتب الأماني) مثلا فهي الأقوى في بيان ممارسات الفقيه.
• في حالة الاغتصاب كان عليه ألا يبالغ في التوضيح العملي، كان عليه أن يرمز إلى ذلك بانطفاء الأضواء مثلا.. ما يعادل تكسّر الموج على الشاطئ في السينما المصرية.. أو أي رمز آخر حتى لا نقترب من الإباحية.
الإيجابيات :
• المؤثرات الصوتية والمرئية المتمثلة في الموسيقى المصاحبة للمشهد والأضواء كانت ناجحة ومؤدية للغرض.
• أصوات الممثلين كانت مسموعة جيدا وواضحة الدلالة، فكنت أخشى من تمازج أو تجاوب صدى الصوت الذي قد يفوّت على المشاهد سماع بعض الكلمات مما يجعله يفقد جزءا من المعنى والدلالة المقصودة، وكثيرا ما كانت تزعجني هذه الحالة فيما شاهدت سابقا من مسرحيات بمسارح مختلفة بالجماهيرية.. ولذلك يراعى جيدا قبل تقديم العرض التأكيد على الأجواء، وبالأحرى الجدران المحيطة بالركح، يفضّل إلباسها بطبقة من الألواح الخشبية.. وهناك مادة أخرى لا يستحضرني أسمها، هي خليط من النشارة ومواد أخرى، ممزوجة وملصقة معا كانت تُلبّس بها جدران بعض قاعات العرض السينمائية.
• المهم أن مسألة توصيل الصوت للمتلقي من الأهمية بمكان، لنجاح المسرحية برمتها، بمعالجة أجواء الركح، إضافة إلى اعتناء الممثل بنطق الكلمة نطقا واضحا سليما بمخارج حروف يألفها المتلقي.. وهذه السمة كانت متوفرة في ممثلي مسرحية (يا مطر يا عمتي).
• الممثل إبراهيم إدريس الذي كانت له البداية، كان له عمل واضح في تقديم دوره سواء بالنطق أو توصيل الرموز التي كثيرا ما اهتزّ لها الجمهور وصفق، فالفرد يصفق لتأثره بحكم سابق في ذهنه، فما شاهده أو سمعه طابق معتقده المتأثر بثقافته وخبرته الاجتماعية، والجمهور لا يصفق ولا يهتز لشيء بدون أن يملك عنه خلفية ثقافية أو اجتماعية، ولذلك على المسرح التجريبي أن يحتمل صدمات الرفض في البداية.. وهذه المسرحية ليست تجريبا بطبيعة الحال وإن كانت بعض الممارسات تخرج بها عن التقليد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق