الجبل مازال يبتسم
د. عبدالجواد عباس
المعلوم أن الجبل الأخضر أرض البطولات و الجهاد المرير أرض المعارك الطاحنة و أشلاء الرجال المبعثرة . هذا ما نحافظ به على ماء وجوهنا كلما ذكرت المروءة و الشرف سواء ذلك الذي جاهد أو الذي لم يجاهد من كان مخلصاً لدينه و وطنه أو كان مع الطليان يدخل كله بعضه في خضم بعض ، المحاسن تستغرق المساوئ الكل ينسحب عليه النضال حتى ساكنو المدن قاموا بطريقة أو بأخرى حسبما يتوارد من حكايات عنهم تلعب فيها الشهامة و المواقف دورها كإمداداتهم للمجاهدين بالسلاح و الكساء و الدواء .
لكن ثمة أفراد من ساكني الجبل الأخضر اليوم خاصة الجيل الجديد يتصرفون كأنهم لا يمتون بصلة إلى هذه الأرض الطيبة إلى أولئك الأهل الذين ماتوا من أجلها .. فدوها بالروح " و الجود بالنفس أقصى غاية الجود " .
الجبل الأخضر نظلمه كثيراً نحن ساكنيه جردناه من لباسه حرقنا غاباته عنوة و عبثاً من أجل قطعة شواء أو كوب شاي حقير أو حتى عقب سيجاره رمته يد سكران .. نتصرف مع الأرض كأنها ليست ملكنا مع أن العرف و الأخلاق و القانون توجب علينا المحافظة على ما نملك و ما لا نملك و إلا طبقت العقوبات في حالة التلبس .. و أين هو التلبس مع الغش و الاختفاء و انعدام الضمير ؟ الضمير ينمو بالتربية و المنشأ و الأصل و لا أعتقد أن شيئاً من ذلك قد مر على أولئك الذين حرقوا الغابات و دنسوا الشواطئ و لا حتى أولئك الذين كسروا مصابيح الشوارع و حطموا المقاعد الحجرية في المحطات و الحدائق و ثنايا المدينة قوم يخربون بيوتهم بأيديهم هم اعتى من الفئران و أخس من الثعالب .. إنسان يخرب لمجرد الخراب ثم يهرب هو مجرد من الإنسانية و الوجدان إنه نطفه نزقة ابتلانا الله بها من أب و أم لا يباليان .
الإهمال في التربية يكلفنا الملايين كل عام يخلق لنا لصوصاً و متهاونين و سلبيين أنظر إلى بيتك ستجد أبواباً و شبابيك حديدية كل بيت في المدينة على هذا النسق بل امتد ذلك إلى الأمانات و الدوائر الرسمية ناهيك بمراكز الشرطة .. تكاليف زائدة فلم يعد يأمن بعضنا بعضاً التجأنا إلى الحماية حتى تحولت المنطقة إلى مدينة حديدية في الوقت الذي لا تبالي الدولة من حولنا بذلك .
أنا لا ألوم أولئك الذين يسيجون أراضيهم بالأسلاك الشائكة حتى الوديان و لو أنهم قطعوا علينا الطريق و حرمونا من مناطق كنا نمرح في ربوعها و نرتادها بسلام غير أنهم حافظوا على الغابة مع أنه من الحين إلى الآخر يتسلل " أبن حرام " و يضرم النار في الغابة المسيجة . العيب في الكبار إنهم ساكتون الكل في حال سبيله يهمه نفسه و بيته و ليحدث ما يحدث الكل ينتظر مبادرة الشرطة أو الحرس البلدي أو رجال المرور لكن من ينتظر من ؟ ألا أمر بالمعروف .. ! ألا نهي عن المنكر ألا شيء لوجه الله .. ! ألا شيء لوجه الوطن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق